في عصرنا هذا يتسابق الشباب فيه على العناية بجمالهم ذكوراً وإناثاً وخاصة بعد انتشار الفضائيات بكثرة وعرضها لكثير من الفنانين والفنانات وبعض المذيعين والمذيعات في بيوتنا على مدار الساعة وهم لا يظهروا على الشاشة إلا بعد العشرات من عمليات التجميل المختلفة والتسريحات الأنيقة لينالوا إعجاب جماهير المشاهدين والمشاهدات ليتلقوا عروضاً أكثر وأسعاراً خيالية لظهورهم في المحطات المختلفة أو الحفلات العامة والخاصة تغري كل من يهتم بالثراء والجمال وما أكثرهم .
وفي خضم هذا الصراع على الجمال تبدو الأمور نسبية ويصبح معالجة تشوه يقبح الوجه ضرورة طبية إنسانية قبل أن تكون من كماليات التجميل طالما يتوفر العلاج .
فكثيراً من الشباب والفتيات يعقدون حواجبهم عند العبوس أو المشي تحت أشعة الشمس فتتشكل تجاعيد البلجة أي عقدة الحاجبين وهي طولانية كما تتشكل تجاعيد أفقية بالجبهة وتجاعيد زاوية العين الخارجية الوحشية التي تسمى أقدام الغراب وتظهر بعض هذه التجاعيد عند العبوس أو الضحك في البداية وتزول بزوال المسبب ولكنها سرعان ما تزداد وتستقر حتى بغياب المسبب فتؤثر على جمال الوجه وشبابه وتشكل أخاديد عميقة كلما طال بها الزمن دون علاج تمقت المصاب بها وقد تؤثر على حياته الاجتماعية والنفسية تأثيراً سلبياً .
دواء البوتوكس يساعد كثيراً هؤلاء المصابين وخاصة إذا بدء به بأعمار صغيرة قبل شدة الإصابة ولكن للأسف عيبه أنه ما زال باهظ الثمن ولا يصنع في بلادنا ويحتاج لإعادة حقن بعد أربعة أشهر أولاً ثم تزداد المدة شيئاً فشيئاً وقد تصبح عشرة أشهر أو سنة فيما بعد .
اكتشف البوتوكس صدفة من قبل طبيبة عيون في الولايات المتحدة الأمريكية حيث حقنت هذه المادة المعروفة بإرخاء العضلات المتشنجة لمعالجة تشنج الأجفان والحول فلاحظت هذه الطبيبة أن التجاعيد حول العين تحسنت لدى المريض بشكل واضح فجربتها على التجاعيد فقط وأعطت نتائج جيدة دامت أكثر من ثلاثة أشهر , ثم انتشر استخدامها لمعالجة التجاعيد منذ 25 عاماً إلى الآن ولم يلحظ أنها تضر خلال هذه المدة وحقنها لملايين البشر وخاصة إذا حقنت بأيدي أطباء مهرة عارفين بتشريح الوجه وعضلاته وفيزيولوجيا التأثير .
ومن الجدير بالذكر أن البوتوكس بروتين طبيعي منتج من الجرثوم اللاهوائي كلوستريديوم بوتولينيوم لا يؤذي حقنه بكميات قليلة مناسبة ولكنه سام بجرعات عالية ولذلك يجب التقييد بالإشراف الطبي ومعرفة استطباباته بدقة والجرعات المفيدة فيه ولا يجب التهاون بها .
يرخي العضلات المتقلصة والمتشنجة المسببة للأخاديد والتجاعيد أي أنه يفيد في تجاعيد التعبير التي تتقلص فيها العضلة كالعبوس والابتسام ورفع الحاجب وغيرها ولكنه لا يفيد في تجاعيد الشيخوخة التي تحتاج لمواد مالئة تحقن فيها وتملأها لمدة محدودة أيضاً .
وتزداد في الآونة الأخيرة استطباباته حيث نجح بإزالة فرط التعرق سواء بالإبط أو باليدين , كما نجح بتحسين وعلاج الشقيقة وألم الظهر ومشاكل المثانة وداء باركنسون وتشنج الأجفان العصبي وفوضى الحبال الصوتية التي تؤدي لتغير طبقة الصوت .
يظهر تأثيره بعد 2-4 أيام تقريباً من الحقن وآثاره الجانبية قليلة الحدوث وهي صداع أو إنتان تنفسي أو غثيان أو ألم في الوجه أو إطراق العين وهو أصعبها حيث تغمض العين ولا يستطيع الشخص فتحها ويحدث ذلك عند الاقتراب من العضلة المستديرة حول العين ولكن لحسن الحظ هذه الآثار قليلة الحدوث عند الطبيب الخبير بهذه الأمور .
يحقن لأشخاص في كافة الأعمار صغاراً وكباراً ولكن للحذر لا يحقن للحامل أو المرضعة أو مرضى الأمراض العصبية , ويتخذ الطبيب الاحتياطات اللازمة عند الأشخاص المعالجين بمضادات التخثر وفيتامين E للحد من النزف أو الكدمات .
يفيد أكثر في الحالات الحديثة التي لا تظهر فيها التجاعيد إلا أثناء العبوس أو الضحك أما إذا تأخر الشخص بمعالجتها لتظهر عنده التجاعيد ثابتة حتى أثناء الراحة فتقل فائدة الحقن عنده وتتحسن التجاعيد بنسب متفاوتة .
وأخيراً فإن البوتوكس يضع حلاً طبياً مؤقتاً ناجعاً ويعفي من الجراحة ومشاكلها ولا يحصل أبداً تليف عضلي بسبب الحقن ولا انتشار دموي دماغي للذيفان وذلك للقادر المستطيع مادياً أما الذين لا يقدرون على كلفته نترك أمامهم فسحة من الأمل بانخفاض سعره تدريجياً منذ 25 عاماً حتى الآن وسيستمر بالانخفاض عندما يزداد تصنيعه أكثر وتزداد المنافسة العالمية على تسويقه وريثما يصبح بمقدور الجميع تحمل تكلفته أقدم نصيحة مجانية تخفف كثيراً من تجاعيد التعبير وهي أن لا يفرح الشخص كثيراً ويزداد ضحكه وأن لا يحزن كثيراً ويزداد عبوسه ويكون وسطاً بين هذا وذاك فلا شيء يدوم في هذه الحياة التي هي أصلاً لا تدوم لأحد .
