يتواصل ظهور المنتجات الإلكترونية الحديثة ويخرج علينا مطوروها بكل ما هو مبهر من الأجهزة التي غيرت طرق أدائنا للمهام الأساسية في حياتنا وأكسبتها رفاهية لم نعهدها من قبل. يتزايد الإقبال على اقتناء الأجهزة الإلكترونية ويزداد الاعتماد عليها بشكل أصبح يهدد الاعتماد على المهارات البشرية في بعض الأحيان، حيث انتشر استبدال العناصر البشرية بأجهزة آلية تقوم بنفس المهام لتوفير المال وإنجاز المهام بقدر أكبر من الدقة والسرعة. ومع ذلك، فالاستخدام الأكثر شيوعا للإلكترونيات في عصرنا الحالي هو استخدامها كأدوات ترفيهية للتسلية وإضاعة الوقت!
مع التهافت المتزايد على التواصل الاجتماعي عبر الشبكات الإلكترونية والتفنن الذي انتشر مؤخرا في عمليات مشاركة البيانات والصور وتدوين الأحاسيس الشخصية وتسجيل أمتع اللحظات والمواقف، ظهرت كميات لا حصر لها من الأجهزة الإلكترونية الداعمة لهذه الأنشطة الترفيهية. ومع الإقبال الواسع على التزين وتحسين المظهر، انتشرت أجهزة مبتكرة تساعد في تقشير الجلد التالف وتصفيف الشعر بصورة مبهرة وإذابة الدهون، وكلها أجهزة متداول استخدامها بشكل واسع وأصبح لا غنى عنها سواء من خلال الاستخدام الشخصي أو بالاستعانة بمتخصصين يحسنون توظيفها في خدمة المهتمين.
دائما ما تعتمد الأجهزة الحديثة في تصميماتها على الإبهار وتقديم خواص ووظائف لا تقدمها غيرها من الأجهزة المتاحة، ولعل في ذلك دافع كافٍ لمطوري الإلكترونيات للدخول في منافسة من أجل الخروج بكل ما هو مثير من الأجهزة لضمان رواجها، وأصبح اقتناء كل ما هو مستجد وحديث في عالم الإلكترونيات مدعاة للتباهي ومجالا للتسلية، فالأجهزة الحديثة لم تعد موظفة لأداء مهام لخدمة مستخدمها، بل كوسيلة للترفيه!
جاحد من ينكر كم العون الذي تقدمه الأجهزة الإلكترونية وما تحويه من تطبيقات توفر الوقت والجهد والعناء على مستخدمها وتساعد في إنجاز مهامه على نحو من الدقة، إلا أن احتواءها على مواد ترفيهية، من ألعاب وبرامج داعمة للتراسل وإمكانية مشاركة الصور ومقاطع الفيديو وتشغيل للموسيقى والتقاط للصور وتشغيل الراديو والتلفاز، أثمر عن اتساع نطاق استخدامها وانتشارها بين فئات عمرية متدنية لا تحسن استغلال وظائفها، بل وقد تأتي بالضرر لا بالنفع.
أسهم انتشار الإلكترونيات بين المراهقين في ظهور نشاطات تواصلية غير معهودة وأثبتت التجربة تسببها في العديد من الانحرافات السلوكية للمراهقين، خاصة مع استخدامها دون رقابة أو حذر.
أصبح التراسل عبر الجوال أو غرف الدردشة المتاحة عبر الإنترنت نشاطا يوميا واسع الممارسة، ولا ضرر أبدا في استخدام التكنولوجيا في توسيع دائرة المعارف طالما كان الدافع وراء ذلك هو اكتساب مهارات جديدة، أو حتى التسلية في أوقات الفراغ، لكن للأسف لم يقتصر الأمر عند ذلك الحد، فالجوانب السلبية للتراسل الإلكتروني وغيره من النشاطات التي تتيحها تقنيات الاتصال الحديثة نتجت عنها سلوكيات مضرة وجرت ممارسيها إلى مشكلات لم توضع أبدا في الحسبان.
من أبرز الجوانب السلبية للتراسل والدردشة المصورة التعرض للتنمر الإلكتروني المتمثل في استغلال المراهق وابتزازه ماديا أو معنويا من خلال السطو على بيانات حساسة تخصه واستخدامها في تهديده لإجباره على طاعة المتنمر رغما عن إرادته. انتهاك الخصوصية أيضا من سلبيات التواصل مع مجهولين، وكذلك الخداع والتعرض للإساءة، ناهيك عن اختراق الحواسب للسطو على الملفات الشخصية الهامة أو على بيانات حسابات البنوك. لا يجد البعض عيبا في زمننا الحالي في عرض صور جنسية خادشة للحياء بهدف استدراج المراهقين إلى أعمال تضر بسمعتهم ومستقبلهم، وقد لا يجد بعض المراهقين عيبا في الانقياد ورائها بدافع من التجربة أو الفضول، ولا شك في أن للتربية والنشأة التأثير الأكبر في كيفية استقبال المراهق لهذه النوعية من الإغراءات والتعامل معها.
إذا غفلت الأسرة عن دورها في توجيه الأبناء من المراهقين ومراقبة تصرفاتهم، وعملت على توفير جميع وسائل الترفيه لهم بدون حدود، فلتعلم أنها حينها المسئولة عن أي خلل سلوكي يصيب الأبناء ويهدد مستقبلهم.