يعتبر"الطلاق" مشكلة اجتماعيه نفسية.. وهو ظاهرة عامة فى جميع المجتمعات، ويبدو أنه يزداد انتشارا فى مجتمعاتنا حديثًا، والطلاق هو "أبغض الحلال" لما يترتب عليه من أثار سلبية فى تفكك الأسره وإزدياد العدواة والبغضاء والأثار السلبية على الأطفال، ومن ثم الأثار الاجتماعية والنفسية العديدة، بدءا من الاضطرابات النفسية إلى السلوك المنحرف.
وتتعدد أسباب الطلاق، ولكن النتيجة واحدة، هى ضياع الأبناء ومن هنا نروى"قصتين" كل منهما مختلفة تمامًا عن الأخرى فى المشاكل والأسباب، فـ"سعاد" اختارت شريك حياتها وضحت لأجله، بينما أجبرت "آية" على الزواج من رجل لا تحبه، ولكن فى النهاية نتيجة واحدة، وهى ضياع الأسرة والأبناء بسبب "الطلاق".
وتروى لنا" سعاد" قصتها عن العشق الذى تحول لكره شديد، وتقول "أنا سعاد 26 سنة وكانت تجمعنى وزوجى قصة حب جميلة منذ الطفولة، وكان يتقدم لى الكثير، ولكننى رفضتهم لأنى أحبه، وواجهت مشاكل كثيرة مع أهله، لأن مستواه المادى أعلى منا، ورضيت بالزواج فى بيت عيلة وأعيش مع والدته بالرغم من أنها صعبة جدا فى التعامل، ولأنه كان بيحبها جدا ورفض أن نعيش وحدنا وافقت".
تتابع سعاد بأسى "بدأت المشاكل بعد زواجنا، حيث كانت تعاملنى معاملة سيئة جدًا، وكانت تطلب منى أنزل وأخدمها فى منزلها طول اليوم، وكنت أطلب منها تجيب "خادمة" بما أن الحال ميسور لكنها قالت لى بنفس اللفظ" لما أبقى أعدمك أبقى أجيب".
سرحت سعاد قليلا ثم قالت "شفت إهانة وذل كثير وكنت أتحمل من أجل زوجى، لأنى كنت أعشقه، وكان زوجى بلا شخصية من ناحية والدته كل مرة أشكى له كان يظلمنى أكثر، حتى أصبح الوضع لا يطاق، وتكلمت معه كثيرًا فى أن نعيش وحدنا، لكنه رفض وكان مرغم على ذلك لأن البيت باسم والدته والشغل كان مع والده وكان ليس لديه أى مصدر رزق آخر، فاضطريت أعيش وأتحمل إساءة والدته لى".
حتى جاء اليوم الذى أصبت فيه" بمرض لعين" وكنت حامل فى وقتها، وكانت لا تشفق على فى هذه الظروف بل كانت تشغلنى مثل الخادمة، فكان عذاب من كل اتجاه ولكن كل هذا العذاب كان بسببى".
وأوضحت "لأنى كنت فى فتره الخطوبة أذهب إليها وأخدمها، وقللت من نفسى ومن كرامتى حتى الشبكة ما جتليش شبكة زى كل البنات، هو خاتم ودبلة"، "وبعد كل هذا زادت المشاكل حتى ذهبت إلى بيت أهلى وزاد عليا الألم عندما أنجبت "ابنى" الذى شاء القدر أن يحمل منى نفس المرض، فاسود كل شىء أمامى، فزوجى سلبى مع أهله وابنى الوحيد مريض يا عالم هيعيش ولا لأ".
سألتها "أكيد لما جبتيله طفل راح لك وصالحك؟" ضحكت بسخرية وقالت "لا دا فى الأفلام بس، تم الطلاق من الإنسان إللى ما حبتش غيره فى حياتى، وأنا إللى أخترته ومش هقول غير كلمة واحدة" حسبى الله ونعم الوكيل" وربنا يقدرنى على تربيه ابنى".
أما "آية" التى تخلت عن حبيبها وأجبرت على الزواج بآخر من أجل إرضاء والديها... تقول أنا عندى" 30" سنة كانت ليا علاقة حب قبل زواجى، وكنا متفقين إننا هنعيش مع بعض على الحلوة والمره لكن للأسف لم يكن لينا نصيب مع بعض وأجبرونى أهلى على الزواج من شخص صديق أخى فى العمل بسبب ظروفه المادية، وبالفعل تزوجته وأنجبت منه ولدا، وبسبب ظروف الحياة والمعيشة فقد زوجى عمله ومن هنا بدئت المشاكل والضرب والإهانة وأنا مقدرتش أتحمل ظلمه وإهانته وضربه ليا، وفوق كل دا مافيش مصاريف ليا ولا لإبنى واضطريت إنى أدور على شغل واشتغل علشان مصاريف" ابنى " الذى لا ذنب له أنه يوجد وسط عائلة مفككة، وكلها مشاكل، ولكنى لم أتحمل وطلبت منه الطلاق لأحساسى بالحرمان من كل شئ من اختيار "شريك حياتى" اللى حبيته واتمنيت إنه يكون زوجا لى، وأن ننجب طفلا سويا مما أدى لشعورى بخيبة الأمل والإحباط والفشل بسبب كثرة الشجار أمام طفلى وعندما طلبت منه الطلاق قال لى "إتنازلى عن ابنك وأنا أطلقك" وأجبرت أن أتنازل أما عن ابنى أو عن حريتى فاخترت "حريتى" مما تسبب ذلك فى ترك بصمة على الطفل وتسبب فى هروب الطفل من جو الأسرة المشحون بالخناق والشجار وعدم الاستقرار، وبحثه عن البديل ودائما ما يكون البديل أصدقاء السوء .. وها أنا فقدت ابنى وتسببت فى ضياعه بإصرارى على" الطلاق" وفى نفس الوقت خسرت حبيبى لما وافقت إنى أتجوز واحد مبحبوش...
وفى هذا الموضوع تقول الدكتورة" هدى زكريا "أستاذة علم النفس والاجتماع بكلية الآداب جامعة الزقازيق، إن من المفروض فى أى مجتمع أن الأسرة تتبنى فكرة الزواج بهدف استمرارية الحياة وإعادة نفسها، وأن تماسك الأسرة جزء مهم فى المجتمع و"الأب والأم "هم من يقومون بجميع المهام، وأن المدرسة لا بد أن تتعاون مع الأسرة ويجب على الأسره أن تقدم الطفل جاهز للمدرسة على سبيل المثال" اللى تقول عليه المدرسة غلط هو نفس اللى تقول عليه الأسره غلط"
كما أوضحت" دكتورة هدى" أن فى الأونة الأخيرة" الطلاق" فى جميع الدول هو بمثابة النهاية الطبيعية للزواج لكن المجتمع دائما هو ما يجمع شمل الأسرة، ويعطى للمرأة حقوقها، وكأن الطلاق بداية حرب والأطفال ماهى إلا ساحة للحرب وهم من يدفعون فاتورة ما لايفعلوه، بالرغم من برائتهم وسزاجتهم، ولكن الكبار عندهم القدرة على تحمل الخلافات إنما الأطفال لا ذنب لهم، نادرا ما نجد أمهات وأباء حرصين على مصلحة أبنائهم.
وتضيف" دكتورة هدى" أن هناك شعور بعدم المسئولية "ناس بتتجوز بتفاهة دون معرفة ولا وعى وتنشأ أمهات وأباء بلا وعى تنجب أطفالا ولا تجيد تربيتهم، ولذلك يوجد فى مجتمعنا قانون يسجن المرأه عند أهمال أطفالها فهناك أمهات تسببت فى قتل أبنائها فيدخلون السجن".
وتنصح "الدكتورة هدى أى زوجين قبل الإنجاب أن يدرسو فى أماكن تدريب ليتعلمو" كيف تكونى أم وكيف تكون أب"، لأن هذا الطفل مسئولية عائلته لحين تسليمه للمجتمع إنسان كامل، وهذا ما يؤثر على الأطفال، ويدفع الأطفال على البحث خارج الأسرة عن رفاق الأسرة وهذا ما يجعلهم" أطفال شوارع أو عواطلية " ويجب تربية الأطفال بوعى ومعرفة.